سورة النساء - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)}
114- إن الذين يخفون أحاديث يحدثون بها أنفسهم أو يتحدثون بها فيما بينهم، لا خير في هذه الأحاديث في الكثير، لأن الشر يفرخ في الخفاء، لكن إذا كان التحدث للأمر بصدقة يعطونها، أو للعزم على القيام بعمل غير مستنكر، أو تدبير إصلاح بين الناس، فإن ذلك خير، ومن يفعله طلباً لرضا اللَّه- سبحانه- فإن اللَّه- تعالى- يعطيه جزاءً كبيراً على عمله في الدنيا والآخرة.
115- وإن الذي يكون في شقاق مع الرسول من بعد أن يتبين طريق الحق والهداية، ويتبع طريقاً غير طريق المؤمنين، ويدخل في ولاية أعداء أهل الإيمان، فإنه يكون منهم إذ اختارهم أولياءه، وسيدخله الله- تعالى- النار يوم القيامة.
116- وإن هذا المصير المؤلم لمن هم كذلك، لأنهم أعداء الإسلام، ومثله مثل من أشرك بالله، وإن كل ذنب قابل للغفران إلا الشرك بالله، وعبادة غيره، ومعاندة رسوله في الحق، فإن الله من شأنه المغفرة إلا أن يشرك به في عبادته، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وإن من يشرك بالله في عبادته وولائه فقد تاه عن الحق وبَعُدَ عنه كثيراً، لأنه أفسد عقله ونفسه.
117- وإن من أظهر مظاهر الضلال الذي بَعُد به عن الحق الشرك بالله، إنه يعبد ما لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع، ويُسَمَّى آلهته الباطلة بأسماء الإناث، كاللات والعزى ومناة، وغيرها من الأسماء المؤنثة، وإنه يتبع بهذه العبادة الشيطان.
118- وإن هذا الشيطان طرده الله- تعالى- من ظل رحمته، وجعله في طريق غوايته، وقد أقسم وأخذ على نفسه عهداً أن يتخذ من عباد الله- تعالى- عدداً معلوماً مقدراً يستهويهم بغوايته ويوسوس لهم بشرِّه.


{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)}
119- وإن قَسَمَه أن يضل الذين استهواهم بإبعادهم عن الحق ويثير أهواءهم وشهواتهم، ويجعلهم يتيهون في أوهام وأمانٍ كاذبة يتمنونها، وإذا صاروا بهذه الأهواء وتلك الأمانى تحت سلطانه، دفعهم إلى أمور غير معقولة، وحملهم على أن يظنوها عبادة وهى أوهام كاذبة، فوسوس لهم بأن يقطعوا آذان بعض الإبل ويُغَيِّروا خلق الله فيها، وإن ما قطع أذنه لا يذبح ولا يعمل ولا يمنع من مرعى، وكل ذلك بأوامره، ثم يوسوس لهم بأنه دين، وأنهم بهذا يتبعونه، ويتخذونه نصيراً متبعاً من دون الله، ومن يتخذه نصيراً متبعاً يخسر خسراناً واضحاً، لأنه يضل عن الحقائق ويهمل عقله، ويناله الفساد في الدنيا والعذاب في الآخرة.
120- يزين الشيطان لهم الشر، ويعدهم النفع إذا فعلوه، ويلقى في نفوسهم بأمانٍ يتمنونها، وليس وعده وتزيينه إلا تغريراً.
121- وإن أولئك الذين ألغوا عقولهم واتبعوا وساوس الشيطان في نفوسهم، مصيرهم إلى جهنم ولا يجدون منها خلاصاً.
122- هذا مصير أتباع الشيطان، أما مصير أتباع الله فالخير، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، ولم يسيروا وراء أوهام كاذبة، فإن الله- تعالى- سيدخلهم يوم القيامة جنات فيها أنهار تجرى تحت ظلالها، وهى أكبر من أعظم جنات الدنيا، وإن ذلك مؤكد، لأنه وعد الله، ووعد الله لا يكون إلا حقاً، لا غرور فيه، إذ هو مالك كل شيء، ولا يتصور أن يكون أحدٌ في الوجود أصدق من الله وعداً وقولا.


{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}
123- إن الجزاء ليس هو ما يتمناه ويحلم به الإنسان من غير عمل طيِّب مثمر، فليس الجزاء بما تتمنون- أيها المسلمون- ولا بما يتمناه ويحلم به أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وإنما الجزاء والنجاة من العذاب بالإيمان والعمل الصالح، ومن يعمل سيئاً يُجْزَ به، ولا يجد له من دون الله من يواليه أو ينصره.
124- ومن يعملون الأعمال الصالحة بالقدر الذي يستطيعونه وهم مؤمنون بالله ورسوله، فإنهم يدخلون جنة النعيم ولا ينقصون أي مقدار ولو كان ضئيلا. ولا فرق في الجزاء بين الذكر والأنثى، لأن الأنثى مكلفة. لها جزاء الخير، وعليها عذاب الشر.
125- وإن أساس عمل الخير منبعث من الاعتقاد السليم، وأحسن الدين أن يخلص لله- تعالى- فيجعل وجهه وعقله ونفسه لله لا يطلب سوى رضا الله سبحانه، وبذلك تستقيم مداركه فيدرك رسالة الرسل، وأن يقوموا بصفة مستمرة بأحسن الأعمال، ويتبعوا في ذلك أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام فدينه هو دين الله، وهو الدين الذي يتجه إلى طلب الحق دائماً. وأن إبراهيم هو الذي تلتقى عنده الوحدة الدينية للمسلمين واليهود والنصارى، فاتبعوا طريقه، وأن الله أكرم إبراهيم فسماه خليلا.
126- وإن الإخلاص لله وإسلام الوجه إليه، هو إخلاص لمن أنشأ هذا الوجود وملكه، فلله كل ما في السموات والأرض، من نجوم وأفلاك وشمس وقمر وجبال ووهاد وصحارٍ ومزارع، وهو مستبين كل شيء، وهو الذي يعلم علم إحاطة بكل ما يعمل الإنسان، ويجازيه بالخير خيراً وبالشر شراً.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14